التعليم مهنة شغلها الأنبياء واعظم البشر على مر التاريخ..
ست عقبات حقيقية تواجه التعليم وتؤثر فيه
- مصنف فى : اختيارات عامة
- بتاريخ : 31 Dec
- التعليقات: 0
مقدمة
النقاش حول التعلم والتعليم لا ينتهي، فهي عملية تتجدد وتتحسن مع الانسان ورقيّه، وتطوّر حياته، واخر ما توصل له العقل البشري.
وفي هذا المقال .. اسرد 6 من اهم العقبات التي تواجه التعليم (في نظري) وتؤثر فيه وفي نجاح اهدافه ..
هي خلاصة تأملات وافكار اتمنى ان تصل لمن يهمه الأمر، ومن يملك ادوات التغيير..
وقد اجّلت بعض النقاط الأخرى المهمة لمقال آخر
والله من وراء القصد،
1- العقبة الأولى: خلق الرغبة >> الحلقة المفقودة في المنظومة التعليمية
هنا مربط الفرس ..
في بعض المجتمعات،، يتعلم الطالب ليعيش.. يتعلم فقط .. ليبقى،، !!
التعليم عندهم ليس خياراً للرقي، بل هو ضرورة للحياة ولاستمرارها .. بسبب الظروف الحياتيه الصعبة، والمادة، والجانب الاقتصادي وهو ما يدفع بقوة إلى الصراع للبقاء والتعلم.
حسناً .. في وضعنا نحن؟
فلنسأل انفسنا ولنسأل ابناءنا .. لماذا يتعلمون؟
هل لديهم حاجة حقيقية للمال وللبقاء؟ للشعور بالنجاح ولذة تحقيقه؟ لتحقيق مراد الله والإحسان في كل شيء وتحقيق الاكتفاء؟ لخدمة الوطن الذي قدم لابناءه الكثير ورفع رايته؟
لاعادة المكانة الحقيقية العلمية لأمة الاسلام والمسلمين؟ للعطاء؟ لرد الجميل؟
ام ليكونوا فقط كنظرائهم يعيشون ويدرسون ويحصلون على الشهادة ثم يموتون؟
هل لديهم حافز حقيقي؟ وسبب للتعلم .. بل والتفوق فيه؟
(الصورة من موقع betheheroeducator.com)
يجب ان نبحث عن الحافز المناسب الحقيقي الذي يدفع الانسان بشكل مستمر للتفوق في التعلم والتعليم.
2- المسؤولية الاسرية .. الملام الأول
التربية والتعليم .. مسؤولية البيت في المقام الأول !
اذا فشلوا في غرس اهمية العلم وحب التعلم عند ابناءهم،، وغفلوا عن تدريسهم مبادئ وفنون الاحترام والحوار والتفكير الايجابي.
فلن يستطيع اكبر فلاسفة اليونان تعليمهم .. ولا تأديبهم.
استقطاب الكفاءات لايستبدل الدور المنزلي الهام جداً .. ومسؤولية الأسر.
العلوم تتغير .. والانسان قادر على التعلم السريع .. الاهم ان تكون النواة (الانسان) مهيأة .. وقادرة على التعلم، وهذه مهمة الأسرة.
مقترح: لم لا تقام محاضرة مثلاً في يوم مجلس الآباء، للتعريف بالدور الأسري، او ندوات لإيصال افكار تربوية محددة للآباء والامهات…
بدلاً من اقامة هذه المجالس بشكل روتيني دون فوائد حقيقية.
3- المعلّم .. رجل المهمّات الصعبة
ان اردنا ان نستثمر في التعليم.. فلنستثمر في المعلم..
يجب ان يعاد تصنيف المعلم في المجتمع.. ويعطى المكانة الوظيفية الحقيقية.
المعلّم من الناحية الماديّة يحصل على دخل قد يقل عن نظرائه ممن يشغلون وظائف اخرى غير حيوية،، (التوجيهات الكريمة تعمل على تحسين هذا الجانب ولله الحمد)
والمعلّم من الناحية المجتمعية لا يحظى باحترام حقيقي من المجتمع ومن الطلاب بالدرجة الأولى .. يليق بمكانته
النظرة الى المعلم لا زالت متدنّية، وبيت (شوقي) المشهور لم يقم له الا القليلين.. فعلياً …
حتى نصل إلى مجتمع متعلّم نحتاج إلى معلّمين مواطنين .. مربّين .. يتعاملون مع الطلاب كتعاملهم مع أبناءهم واكثر،
يغرسون الوطنية والثقافة والقيم في سطور الفيزياء والرياضيات، ويهيئون الطالب لمواجهة المستحيل !
الضمير يدفعهم، والمسؤولية تحفّزهم، والاحترافية منجهم.
4- الوسائل والمناهج .. وحجمها الحقيقي
احد مشكلات التعليم قد تكون في الوسائل والمناهج، لكن فلنتوقف قليلاً ولنعطي هذه المشكلة حجمها دون تضخيم أواجحاف.
الوسائل فقط .. ادوات مساعدة
في موريتانيا يتعلم الطلاب علوم القرآن على الالواح الخشبية .. ويتخرّج من هناك علماء وفقهاء بمستويات عالية
اجزم ان توفير آي باد لكل طالب من هؤلاء لن يضيف الكثير في علمهم ومستواهم العالي
(الصورة من ويكيبيديا)
جميل ان نوفّر اعلى الامكانيات لخدمة التعليم ووسائله ..ولا نقلل من اهميتها، ولا من فضل من يوفّر احدث الوسائل.
لكن في الاولويات .. يجب ان لانعطي الوسائل.. الحجم الاعلى في الميزانية والأهمية .. ولا في معايير قياس حجم النجاح الاكاديمي.
المناهج ايضاً ليست هي المشكلة الاولى
نعم المناهج مشكلة تحتاج إلى اعادة استحداث لتتناسب مع موروثنا الحضاري.. لنبني مناهجاً تنطلق من ثقافتنا وتعاليم رسالتنا .. لا ان نستورد ما يتناسب مع ثقافات غيرنا
لكنها تأتي باعتقادي بعد تجاوز العقبات التي سبق ذكرها..
فأحدث ما يتعلمه الطالب اليوم في مراحله المختلفة موجود في جوجل ومواقع كـ يوتيوب وفي خان اكاديمي، وما يتعلمه في المراحل المتقدمة توفّره الجامعات ايضاً كـ محاضرات ومواد جامعة ستانفورد وغيرها.
يتعلم الطالب االلغة لانجليزية في سنة إلى سنتين عند الرغبة ووجوده في بيئة مناسبة، ويفشل اخرون في اكثر من 12 سنة دراسية من الالمام باساسيات اللغة ذاتها.
اذاً بوجود الرغبة والدور الايجابي الأسري يستطيع الطالب تعويض اي نقص او خلل في الجوانب الأخرى .. مناهج كانت او ووسائل وغيرها..
5- الدور الرقابي الضعيف، والمؤثر في صقل شخصية الطالب وفي مستواه الاكاديمي
نعم .. يشتكي البعض من غياب الدور الرقابي، او وجوده بشكل محدود جداً
فالكثير من الظواهر السلبية مصدرها الأول المدارس، وجانب من الاحباط والهدم وتغيير المفاهيم يتكوّن في المدرسة وبين الطلاب انفسهم ..
وهذا في حد ذاته عنصر هدم رئيس في التعليم كمنظومة، وفي اهداف القائمين عليها.
وهنا اقترح تعميم نموذج الرقابة التربوية بهدف رصد سلوكيات الطلبة وتحليلها بشكل مستمر
وجعل هذه الرقابة جزء من تحسين الجودة التعليمية المستمرة والتي لا تنتهي..
فما المانع ان تراقب المدارس بكاميرات متطورة بشكل كامل، وتعطى مسؤولية المراقبة لتربويين لا لأمنيين؟
لتقويم الجانب التربوي، وليس العلمي على وجه التحديد.
يتم اعتماد هذا النوع من الرقابة (مع غيره) لتقليل حجم التأثير السلبي للمدارس ورصد الظواهر السلبية قبل استفحالها في المجتمع ..
خصوصاً في المراحل الحساسة من التعليم؟
6- الرقي بفكر الطلاب وتفعيل دورهم المجتمعي
الطالب حتى نهاية مرحلته الثانوية او الجامعية مجرّد مستهلك ..
ليس له دور حقيقي في العطاء والبذل
قد تكون لبعض مؤسسات العمل التطوعي بعض الفضل في استقطاب جزء من هؤلاء .. لكن يبقى تفكير الكثيرين استهلاكي بحت
ينتظر من يلقمه طعامه .. ويعطيه ما يغطي احتياجات رفاهيّته
في امم اخرى، تنطلق المناظرات والحوارات المصيريّة الكبرى من الجامعات،،
وتقام ارقى المحاضرات، واكبر اللقاءات مع الشخصيات الكبرى في الجامعات ايضاً
هذا بكل تأكيد يلقي الضوء على اهمية هذه الأماكن، ودورها الفعّال في قضايا المجتمع، يرفع من وعي الطلاب، ينقلهم إلى افراد همّهم خدمة الوطن والعمل باقصى جهد في تفعيل دورهم الانتاجي والخدمي،،
فالطلاب هم النواة الأهم فعليّاً في المجتمع
لو استطعنا ايجاد نوع من العطاء في الاجيال في مراحلهم الدراسية المختلفة، سيثمر هذا في تحسين نتائج التعليم، وخلق بيئة ايجابية محفزة.
كلمات اخيرة
حاولت ان اركز في هذه السطور على ما يغفله الكثيرون في النقاش حول التعليم.. وتحديد مشاكله.
مع وجود العديد من النقاط الأخرى المهمة.
اتمنى ان نصبح يوماً مدارس ثقافية وتعليمية كبرى، نصدّر خبراءنا وعلمنا إلى الخارج ليبيّنوا للشعوب الأخرى كيف تميّزنا ونقدّم للشعوب والأمم خبراءنا
ليس هذا بالحلم، نحن الأفضل.. وموروثنا الاسلامي والثقافي هو ما وصلهم اولاً، ولابد ان يعود ليغزوا العالم في يوم من الأيام
واسأل الله ان يوفق شيوخنا ويجزيهم عنا خير الجزاء .. ويبارك في جهودهم
اتمنى فعلاً ان تكون اماراتنا هي المنبع لحقبة تعليم جديدة مميزة،،
وما ذلك على الله بعزيز…!
احمد السري الهاشمي
في: 31/12/2011